معنى: (المهترون) و(المستهترون) كما في بعض الروايات الواردة في فضل الذكر
وفي رواية للإمام أحمد قال: ( الذي يهترون في ذكر الله )، وفي رواية الترمذي : ( المستهترون في ذكر الله )، ولا تعارض بينهما، وإن كانت رواية الصحيح هي الأولى.والبعض قد يخفى عليه معنى: (المهترون) أو (المستهترون)، والشيخ هنا يقول: إن الهتر -كما فسره ابن قتيبة - هو: السقط في الكلام، فكان الرجل عند العرب إذا خرف، وكبر سنه، وأصبح يتكلم بما لا يدرك؛ يقولون: قد هتر في كلامه، ومن هنا أخذت المهاترة، وذكر شاهداً على ذلك الحديث: ( المستبان شيطانان، يتكاذبان ويتهاتران ).يقول: من عُمَّر وخرف في ذكر الله تبارك وتعالى. يعني: أن يطول عمره ويكثر كلامه في ذلك، أو أن يكون عامة كلامه كذلك؛ حتى إن من يراه من الناس يظن أنه قد خرف يتكلم بما لا يعقل، كما يشاهد كثير من الناس الذين عندهم مرض، أو حالة نفسية أو عصيبة؛ فيمشي وهو يتكلم مع نفسه، فهؤلاء المؤمنون من كثرة ما يذكرون الله سبحانه وتعالى يظن بهم ذلك، وكأنه يتكلم بما لا يدرك معناه ولا حقيقته.فالمقصود: أن فضل الذكر عظيم، وأن المفرد: هو من أكثر من ذكر الله تبارك وتعالى وتعوده حتى أصبح يجري على لسانه، وعلى قلبه، وعلى مشاعره.وأهل الجنة يصلون إلى هذه الحالة، كما جاء في الحديث: ( يلهمون التسبيح كما نلهم نحن النفس ) أي: كما نتنفس ونحن لا نشعر، أو نحن نائمون، ونحن نتكلم، ونحن نمشي، فأهل الجنة يلهمون التسبيح كذلك، فكذلك من أكثر من ذكر الله تبارك وتعالى؛ فإنه يلهم ذلك حتى يجري على لسانه في كل حال، كما سيوضح في بعض الأحوال والأوصاف.